عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
147174 مشاهدة
الوتر سنة مؤكدة


وصلاة الوتر سنة مؤكدة، داوم النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه حضرا وسفرا، وحث الناس عليه.


ثانيا: صلاة التهجد والوتر :
قوله: ( وصلاة الوتر سنة مؤكدة إلخ):
لم يذكر المؤلف صلاة التهجد، وصلاة الليل لا شك أنها سنة مؤكدة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحافظ على صلاته بالليل، وتقول عائشة ما أنتم إلا من نبيكم، وما نبيكم إلا منكم، والله ما ترك قيام الليل حتى مات، وذكرت أنه كان يصلي كل ليلة عددا من الركعات فكان يصلي أحيانا ثلاث عشرة ركعة وأحيانا إحدى عشرة ركعة وأنه يطيل صلاة الليل، والحاصل أنه كان يحافظ على صلاة الليل، فأحيانا يقوم نصف الليل، وأحيانا الليل كله، وأحيانا أكثر الليل.
والوتر هو : الركعة الأخيرة بعد التهجد في الليل، أو الوتر هو: العدد الفرد، فإذا صلى الإنسان ركعة سميناها وترا، وإذا صلى ثلاثا سميناها وترا، وإذا صلى خمسا أو سبعا أو تسعا أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة فهي وتر، أما إذا صلى اثنتين أو أربعا أوستا أو ثمانيا فإنه شفع.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يداوم على صلاة الوتر حضرا وسفرا ولم يكن يتركها ولم يكن يخل بها، قد ذكرنا أنه يوتر أحيانا وهو على راحلته إلى غير القبلة حيثما توجهت به وهذا دليل على أن الوتر ليس فريضة، إنما هو نافلة؛ لأنه كان لا يصلي الفرائض على الراحلة، كما تقدم في قوله -صلى الله عليه وسلم- غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة أما الوتر فكان يصليها على راحلته ووجهه أحيانا لغير القبلة، ويصليها وهو راكب، ولا يتمكن من القيام ولا الركوع قائما، ويدل على أنها سنة مؤكدة حيث حافظ عليها في السفر مع أن السفر مشقة، فكانوا يسيرون إلى نصف الليل، وكانوا يسيرون إلى أن ينتصف النهار، بل حث الناس عليه، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- أوتروا يا أهل القرآن، من لم يوتر فليس منا وأهل القرآن هم أمة محمد، وليس المقصود القراء ففعله وقوله دليل على آكديتها.